
في ظل التحديات التي يمر بها عالمنا المعاصر، تظل الفنون أحد أقوى الجسور التي تقرّب بين البشر، وتكسر حواجز الاختلافات، وتفتح مساحات للحوار البنّاء. ومن هذا المنطلق، أطلقت مؤسسة السلام للثقافة والحوار والفنون مبادرتها الفريدة “كورال السلام”، ليكون مساحة إبداعية تحمل رسالة إنسانية تتجاوز حدود الجغرافيا والاختلافات الفكرية، وتجمع بين الأصوات المتنوعة في سيمفونية واحدة عنوانها التسامح والتعايش.










يضم “كورال السلام” نخبة مميزة من الشخصيات النسائية والرجالية من مختلف الأعمار والتخصصات. في هذا الكورال، تجتمع الطبيبة مع المهندسة، والصحفية مع الفنانة، إلى جانب رجال من مختلف المراحل العمرية والخلفيات العملية والاجتماعية. هذا التنوع لا يثري الأداء الفني فحسب، بل يعكس في ذاته صورة مصغرة للمجتمع المتعدد الذي يستطيع أن يعيش في انسجام
رغم اختلاف مكوناته.
الرسالة التي يسعى الكورال إلى إيصالها تتجاوز الغناء كمجرد فن، لتصبح رسالة ثقافية وحضارية. فالأغاني المختارة تعبر عن قيم السلام، وقبول الآخر، واحترام التنوع الثقافي والفكري. ومن خلال تدريبات منتظمة وعروض فنية، يتحول الكورال إلى منصة للحوار الإنساني الذي يتجسد في الأصوات المتناغمة، ويترجم بلغة الفن ما قد تعجز عنه الكلمات.




كما تسعى مؤسسة السلام من خلال هذا النشاط إلى إبراز دور المرأة في الحراك الثقافي والفني. فمشاركة الطبيبات والمهندسات والصحفيات إلى جانب فئات أخرى تمثل خطوة مهمة نحو دمج الخبرات النسائية في مشروع فني وثقافي ذي أبعاد إنسانية. وبذلك يصبح “كورال السلام” مساحة لتلاقي الطاقات الإبداعية، وإبراز النماذج المضيئة في المجتمع، رجالاً ونساءً.
إن وجود شخصيات متنوعة في الكورال ليس مجرد تفصيل، بل هو جوهر المشروع، إذ يعكس قدرة الفن على توحيد المختلفين تحت راية واحدة، حيث يذوب التمايز في نغمة واحدة تحمل اسم “السلام”. هذه الرسالة تتكامل مع أهداف مؤسسة السلام في نشر ثقافة الحوار والفنون كوسيلة لبناء مجتمعات أكثر إنسانية وتسامحًا.




إن “كورال السلام” ليس مجرد نشاط فني داخل مؤسسة السلام للثقافة والحوار والفنون، بل هو مشروع إنساني شامل يسعى لترسيخ قيم السلام والتعايش من خلال الموسيقى. فبين أصوات النساء والرجال، ومن مختلف الأعمار والتخصصات، يتشكل نسيج فني وإنساني يبعث رسالة واضحة: السلام ممكن، والحوار متاح، والفن قادر على أن يوحّد ما تفرقه الحياة. هكذا يصبح الكورال شاهدًا حيًّا على أن الثقافة والفن ليسا رفاهية، بل أدوات ضرورية لصناعة مستقبل أفضل وأكثر إشراقًا.